nefzawa.net

من 5 إلى 25 دينارًا للنخلة وسنة كاملة من التعب يدفع ثمنها الفلاح

قطاع-التمور

يعيش منتجي التمور في الجنوب التونسي كل موسم تحديات كبيرة تتفاقم مع ارتفاع أسعار اليد العاملة واشتراطات إدارية جديدة ما يجعل موسم الإنتاج عبئًا مضاعفًا على كاهلهم رغم أن الفلاحة تعتبر مصدر رزق رئيسيًا لألاف العائلات

خلال الفترة الحالية المعروفة بـ”تجريد النخيل” و”تغليفه” يصل سعر النخلة الواحدة إلى ما بين 5 دنانير و25 دينار حسب حجم النخلة وكثافة العراجين هذا الموسم يواجه الفلاحون ارتفاعًا ملحوظًا في أجور العمال خاصة مع ندرة اليد العاملة المؤهلة لتنفيذ عمليات التجريد والتغليف وهجرة العديد من الشباب ما يزيد من تكلفة الإنتاج ويثقل كاهلهم

إلى جانب ذلك فرضت وزارة الفلاحة شرطًا جديدًا للاستفادة من شباك الناموسية المخصّصة لحماية صابة التمور لموسم 2025، وفق المنشور عدد 68 المؤرخ في 4 جويلية 2025 ينص القرار على تسوية الوضعية الجبائية للمنتجين والمصدرين والهياكل المهنية النشطة في المجال وتقديم شهادة تثبت الوضعية الجبائية أو عدم وجود ديون هذا الإجراء تصنفه الوزارة بأنه خطوة إصلاحية تهدف إلى تعزيز الشفافية والعدالة الجبائية، في حين يراه العديد من الفلاحين عبئًا إداريًا وماليًا إضافيًا في ظرف اقتصادي دقيق فالقرار فرض على الكثير منهم التخلي عن التغليف بالناموسية وشراء مادة البلاستيك الواقية بسعر 7000 مليم للكيلوغرام للهياكل و7200 مليم للفلاحين والمصدرين، وهو ما يفسر صعوبة تسديد الديون دفعة واحدة واللجوء إلى الحلول الأقل تكلفة رغم تأثيرها على جودة الإنتاج

منذ بداية موسم التمور وحتى نهاية الجني، يواجه الفلاح سلسلة متواصلة من المهام من قطع العراجين وتعديلها مرورًا بتجريد النخيل وتغليفه وصولاً إلى حماية الثمار من الآفات وكل مرحلة تمثل عبئًا ماليًا وبدنيًا كبيرًا كل يوم في الواحة وكل ساعة من العمل اليدوي تكشف عن تعب سنة كاملة حيث تتضافر التحديات المناخية مع غلاء المواد الفلاحية وارتفاع أجر اليد العاملة في ظل قرارات إدارية تضاف إلى القائمة

يبقى الفلاح في مواجهة مباشرة بين خدمة الأرض والتعب والمصاريف المتزايدة من جهة وبين ضرورة ضمان صابة منتظمة وثمار ذات جودة عالية قابلة للبيع والتصدير من جهة أخرى هذه الموازنة الدقيقة تجعل من موسم التمور تجربة متعبة جسديًا وماليًا ونفسيًا حيث يكد الفلاح طيلة العام ليحصل على مردود يظل هشًّا أمام الظروف الاقتصادية الصعبة وارتفاع التكاليف المفاجئ

في ظل هذه المعطيات يطالب الفلاحون بــدعم مباشر غير مشروط، وتسهيلات لتسوية الوضعية الجبائية ومرونة في تطبيق شروط شراء الناموسية باعتبار أن كل ديناميكية جديدة تزيد العبء المالي والاداري عليهم في وقت يحتاجون فيه إلى التركيز على حماية الإنتاج وتحسين جودة التمور

يظل موسم التمور بهذه الصورة أكثر من مجرد فترة إنتاج إنه سنة كاملة من الجهد والتعب والتضحيات حيث يمثل كل عراجين تُقطع وكل نخلة تُجرد وكل تغليف يُجهّز جزءًا من كفاح مستمر يواجه فيه الفلاح تحديات لا تنتهي في انتظار أن يجد تقديرًا حقيقيًا لما يبذله من عمل متواصل

مقال رأي: أحمد العامري

[wpcd_coupon id=7268]

Scroll to Top