nefzawa.net

الاستثمار في قطاع الصناعات التقليدية: امتيازات وحوافز وآليات متنوعة للتمويل

يشهد قطاع الصناعات التقليدية في تونس تطورًا ملموسًا في حجم الاستثمارات والعائدات، ليؤكد مكانته كرافد حيوي من روافد الاقتصاد الوطني وأداة فاعلة في دفع التشغيل وتحقيق التنمية الجهوية. مع نهاية أكتوبر 2024، بلغت عائدات القطاع نحو 173 مليون دينار، مسجلة ارتفاعًا بنسبة 7% مقارنة بنفس الفترة من العام السابق، فيما بلغت الاستثمارات 182 مليون دينار، أي بزيادة قدرها 6.5%. وقد ساهم هذا الزخم في إحداث حوالي 4400 موطن شغل جديد، ما يعكس حيوية القطاع وقدرته على استيعاب اليد العاملة، خاصة في المناطق الداخلية

ولم يكن هذا النمو ممكنًا دون التدخلات الحكومية المباشرة، لا سيما عبر برامج الدعم والمرافقة التي استفاد منها أكثر من 5000 حرفي. هذه البرامج ساهمت في تحسين جودة المنتجات التقليدية، ورفع القيمة المضافة للقطاع الذي يساهم بنحو 4% من الناتج المحلي الإجمالي، وما يقارب 2% من إجمالي الصادرات الوطنية. مع وجود تطلعات لرفع هذه الصادرات إلى 500 مليون دينار بحلول عام 2026، بات الاستثمار في الصناعات التقليدية خيارًا استراتيجيًا للمستثمرين والفاعلين في المجال

حرصًا على تحفيز المبادرات، اعتمدت تونس حزمة من الامتيازات المالية والحوافز القانونية. فقد تم، بمقتضى الأمر الحكومي لسنة 2024، تخفيض نسبة التمويل الذاتي المطلوبة لإنجاز المشاريع الصغرى إلى 10% فقط، مع تمديد آجال تقديم طلبات الانتفاع بالحوافز. كما تم توسيع تعريف المشاريع ذات الأهمية الوطنية لتشمل الاستثمارات التي تفوق 50 مليون دينار، بشرط خلق ما لا يقل عن 500 موطن شغل، ما يفتح آفاقًا جديدة أمام المستثمرين الكبار والمتوسطين

أما على مستوى التمويل، فقد تم تطوير منظومة متكاملة لتلبية احتياجات العاملين في القطاع، عبر أدوات متنوعة تشمل “قروض الأموال المتداولة”، وبرنامج “رائدات” الذي يستهدف دعم المرأة اقتصاديًا. كما تم تخصيص خطوط تمويل قطاعية، مثل تلك الموجهة للنسيج اليدوي، وتثمين الألياف النباتية، ومنتجات الأخشاب، والزيوت العطرية، بما يسهم في تطوير سلاسل إنتاج متكاملة تعزز من تنافسية الصناعات التقليدية

وقد ارتفع سقف القروض الموجهة للحرفيين والمجمعات الحرفية إلى 20 ألف دينار، مع تقديم قروض بفائدة قارة لا تتجاوز 5% ومدة تسديد تصل إلى أربع سنوات، مما يمنح الحرفيين مرونة مالية أكبر. وفي سياق الابتكار المالي، تم إدخال آليات تمويل جديدة عبر الشركات الأهلية ومؤسسات الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، مع إمكانية الحصول على تمويلات تصل إلى 300 ألف دينار بفوائد تفاضلية، مما يشكل رافعة قوية لرواد الأعمال الشباب وأصحاب المشاريع المجددة

هذا الإطار القانوني والمؤسساتي المتكامل، الذي يشمل قانون الاستثمار وقوانين الشركات الأهلية والاقتصاد الاجتماعي، أسهم في تحسين مناخ الاستثمار داخل القطاع، وتحفيز انخراط فئات واسعة فيه، خاصة من النساء والشباب. وهو ما يعزز موقع الصناعات التقليدية كأحد القطاعات المحورية في دفع عجلة التشغيل وتنشيط الدورة الاقتصادية على المستويين الجهوي والوطني

Scroll to Top